ليالي الرُعب الجزء الخامس

 ليالي_الرعب (12) (13)

تاليف : محمد الطاهر محمد

المكان : مستشفي امدرمان 

الزمان : يناير 1987

ليالي الفوضي جزء من رواية ليالي الرُعب
ليالي الفوضي






ليلة الفوضي 

..الله ..الله ..الله ..ارتفعت اصوات الذكر عاليا .في سرادق المولد في حوش الخليفه ..وكانها بداخل عنابر المستشفي ..حيث كانت الرياح واصوات المايكرفونات تحملها بكل قوة ..ولحظت زعرا اصاب معظم قطط المستشفي ..وشراسة غير معهودة ..


دخلت احدي الممرضات ..علي عنبر النساء والتوليد شمال المستشفي ..كانت مليئة القوام ..تميل للقصر ..وقفت امام احد الاسرة ..لام صغيرة ..واخذت تلاعب طفلها . واحلاااااتو . وااااحلاتو ...وحملت الطفل عاليا ..وتاملت ف فيه قليلا ثم قالت للام ..: الطفل دا محتاج يمشي الحضانة . ( بفتح الحاء ) .اومات الام براسها علامة الموافقة . 

استدارت الممرضة خارجه به ...

وفي لحظات صرخت الام عاليا ..بصورة هيسترية ايقظت كل الامهات بالعنبر ....فقد رات علي اسفل ظهر الممرضة ذيلا ....يخرج من ثنايا ..البالطو الابيض ..


 نظر احمد لساعته قليلا ..وخاطب عامل الكافتريا ..كيف حسة الساعة عشرة... وما عندكم عشا ؟؟ 

- كملنا يا استاذ ..الليله ماعارف ناس المستشفي ديل مالهم ..اي حاجه في الكافتريا قرضوها 

 ..اديك عصير ي استاذ ؟؟

قفل احمد عائدا لعنبره واخذ يفرك يديه ..كان البرد يصطدم بعظامه وهو جائع جدا ..

وعندما قارب عنبره

وفي ركن قصي وجد جماعة تجلس وكانهم ياكلون

- اتفضل ي اخينا   

ولم يتردد . وجلس معهم ...كان الطعام لذيذا بحق ..وذو طعم مميز . واخذ يلتهم الطعام التهاما .

 ..اصحاب الطعام استاذنوا ليغسلو ايديهم ..

واستمر هو ياكل . لم يعرف كم استمر في الاكل 

حتي سمع صوتا 

- بتعمل في شنو يا اخينا  

- اتفضل ي حبيب 

- اتفضل شنو يا اخينا ؟؟ انت زول ما نصيح ؟؟ شوف بتاكل في شنو !!

 ..ونظر احمد الي يده وتفاجا ..فقد كان ياكل ..روث بهائم ..!!.

.......

يا بت ممنوع الدخول ..ما تعذبينا ..ارجعي وراء بالله ..قالها غفير البوابة..وبدا عاضبا 

..جاء الشرطي ليزجر الفتاة ..فوجدها ممشوقة القوام جميلة العينين ..

قالت له الفتاة متوسلة ..عليك الله ..يا جنابو ..

رق الشرطي لحالها ..وفتح الباب ..وسط امتعاض الغفير ..

تقدمت قليلا ...وقالت للشرطي بكل رقة ..ممكن تقدمني قدام عشان بخاف من الظلام ..

جدا جدا ..وانتفخت اوداج الشرطي زهوا ..

وعندما اقتربت من ظهر احد العنابر قالت للشرطي بنفس الرقة ..ممكن تمسك يدي لاني ما بشوف كويس !!

امسك الشرطي بيدها فرحا ..

وعندما ..اقترب من المسجد ..سمع الشرطي صوتا من خلفه 

ي جنابو ..مودي الغنماية دي وين ؟؟ 

وعندما نظر اليها ..كانت غنماية ..بحق وحقيقه .

كنت قد بدات اتماثل للشفاء ..وكنت انتظر مرور الممرضة او ماكنت اسميها العروس ..لتفسر لي ما يحدث 

جاءتني هذه المرة وهي منزعجة علي غير العادة ..

نادتني مباشرة: ي محمد الحق القط الاسود !!

- اجبتها سريعا ..انا الحق القط الاسود ؟؟ انتي جنيتي ؟؟

اجابتني بغضب: انت مافاهم حاجه !!

الحق طلع المجنون دا من العنبر المسكون !!

الليله ..ي كتل القط ..ي القط كتلو !!

ووجمت كمن صبت به ماء بارد !!

انا الحق القط الاسود؟؟

انا اخش العنبر المسكون ؟؟

انا الاقي المجنون دا ؟؟

- لازم تتحرك ..والان وفورا !!


.....ليالي الرعب (13)

المكان : مستشفي امدرمان 

الزمان : يناير 1987

ليلة الفوضي (2)

طاش تفكيري ..وتملكني رعب ووجل .. كيف ادخل الي العنبر المسكون ..كيف استطيع الامساك برجل مجنون ؟؟

ان فعلت ذلك اينا يكون مجنونا انا ام هو ؟؟

كانت العروس او الممرضة تقف علي الشرفة انظر اليها ومن خلفها ساحة المولد واخذت افكر ..مليا ثم لمحت شيخا صوفيا يلبس نفس جلباب المجنون .. وواتني الفكرة سريعا ..

ابتسمت ..ونزلت مسرعا لساحة 

المولد ...

.....

عمدت د. سارة عبد القادر بعد انتهاء مناوبتها بالمرور علي قسم الباطنيه ..علها تحظي برؤية د ياسر ..الذي تهيم به حبا .. 

كانت فتاة جميله ..تخلب الالباب ..وكانت تمشي مزهوة وتضع سماعة الطبيب علي اكتافها .. وهي في طريقها ..لاستراحة الاطباء في الطابق الثاني ..

وعندما اقتربت من السلم ..افتر ثغرها عن ابتسامة جزلي فقد كان د.ياسر واقفا قرب السلم .. واضعا كلتا يديه علي جيوب اللاب كوت .. 

تبادلت معه الاحاديث ..وكان عشقها يظهر في عينيها الجميلتين ..

اوصلها حتي باب الاستراحة ..مدت يدها بكل رقة تودعه ..مد يده مودعا ..عندها ..اغمي عل د.سارة ..

فقد كانت يده يد قط ..له مخالب كبيرة ..

......

اخذت انظر في المولد لاحد الشيوخ ..كان العشرات ..من المريدين ..والاحباب ..يتزاحمون حوله ..استطعت الوصول اليه بعد لاي وتعب ..

قبلت يده وقلت بصوت عالي :..يا شيخنا واحد من دراويشك عامل مشكلة عندنا في المستشفي  

اجابني باقتصاب ..الدراويش كثر ..والحقيقة واحدة !!

اجبته علي الفور :..ي شيخنا ..محسوب عليك ..ان كتل زول .. بقولو ..من مريدينك ..واحبابك ..وانا ما برضي ليك ..

عندها باشارة من يده اوقف مريديه ..ونظر الي .. ان ادنو مني !!

دنوت منه وهمست في اذنه ..يا شيخي الدنيا كلها بتعرفك ..والسترة والفضيحة متباريات ..

اجابني عداك العيب يا بني ثم فكر قليلا  

..و اشار الي اثنين من حيرانه ..تبدو عليهم الشدة..ان يتبعوني !!

.....

   بالطابق الثاني عنبر الجراحة والتجميل ..كان عم احمد ..قد ضاق ذرعا ..وهو يحاول اقناع ابنته ذات التسعة اعوام بالنوم ..الطفلة كانت خائفة من شيء ما . وهي تضم لعبة تشبه العروس الي صدرها ...وهو يحاول اقناعها ..

تغمض اعينها قليلا ..وتفتحها مرة اخري ...

ضاق ذرعا عم احمد فقد كان هو نفسه تعبا ..ويمني نفسه ..ان ينام قليلا ليمحو تعب النهار .

غضب منها ..وقال : لو ما نمتي بنادي ليك البعاتي ..

بكت الطفلة حتي تهدج صوتها ..وقالت وهي تبكي : بعاتي يجيك انت دة !!

 عندها سمع عم احمد صوتا عند باب العنبر . كانها صوت خطوات غليظة ..اتية اليه ..

وكان ظل ضخم طويل اليدين و طويل المخالب ييقترب منه  

والشرر يتطاير من عينيه..

....

وقفت امام بوابة الدخول ..سمح لي الشرطي بالدخول ..

وقال ساخرا ..للشيوخ الذين اتو معي : 

المولد هناك ي حجاح !!

وترجوته ان يسمح لهم بالدخول ..رفض الشرطي ..

وايقظت جلبتنا شرطيا اخر انضم لرفيقه ..وعندما افهمتم ان هناك مجنونا بالعنبر المسكون ..وان هؤلاء الشيوخ يريدون اخراجه ..وترجوتهم ان يسمحو لهم بالدخول 

تراجع االشرطي الجديد وقال ؛ اي والله ..

تصدق ي مولانا انا امبارح ماسك يد بت ..لقيتها في النهاية يدين غنماية ؟؟

رد احد الشيوخ : وانت الخلاك تمسك يدها شنو ؟؟

بهت الشرطي ..

افهمت الشرطي ان هناك مجنونا ..قد يحطم العنبر .وقد يموت هو نفسه ..وهذه مسئولية ..تحاسبون عليها ..

واقنعته ان المستشفي تحت مسئوليته ..واننا فقط نريد مساعدته وهكذا. علي مضض .وافق الشرطي ..علي الحضور معنا ..

..وما هي الا دقائق وكنا عند باب العنبر ..

شيخان ..وشرطي .. ورجل خائف ..

.....

اوقفت الفتاة الجميله عربتها امام عيادة د.طارق ..وترجلت منها ..ثم بخطوات سريعة تجاوزت الاستقبال الي مكتبه وفتحت الباب ..بينما السكرتيرة تطالبها بالرجوع ..

التفت د.طارق للجميلة القادمة اليه ..وعندما راي جمالها يتدفق علي عيادته ..اشار للسكرتيرة بالرجوع ..

جلست الفتاة قبالته ..ومدت يدها تسلم عليه ..فيما كان عطرها قد ضمخ الغرفة ..

كان د. طارق مشدوها بجمالها ورقتها ..وعطرها الاخاذ .وما هي دقائق ..حتي تحولت الي افعي و تحول ثوبها الي جلد افعي ..وبرزت انيابها . وجعلت تلتف علي جسم د. طارق ..وهو مايزال مرعوبا .. ثم التوت حول عنقه واخذت تضغط قليلا..قليلا .. حتي شعر بالاختناق ..

ثم صرخ ..صرخة واحدة 

..ليستيقظ من النوم ..وانفاسه تتهدج ..

كان كابوسا .. مرعبا 

ونظر الي رجله تحت الجبص .. ووجد نفسه 

 ما يزال في غرفته بمستشفي الخرطوم ..

.......

دلفنا ..ببطء ..الي داخل العنبر المسكون ..وكان مظلما ..

وكنت اخر الداخلين ..

طلبت من الشرطي ان يفتح الانوار ..اجابني باختصار : اصلا مافيهو كهرباء 

اخذت اقرا سرا كل ما احفظ من الايات ..وكنت من الخوف انساها .. .

كان امام الباب مباشرة السلم للطابق الاول ..تجاهلناه واتجهنا يمينا ..

وكنت امسك الشرطي من كتفه ....وسرنا مسافة ..وانا ارتجف ..

حتي وصلنا الي باب في اخر العنبر ..

ومالم نره ..ان المجنون كان خلفنا ..تماما ..ويحمل هراوة ضخمة ..

تابع الجزء السادس من الرواية 

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال