ملك وتالا والقط الاسود الجزء الاخير من رواية ليالي الرُعب

ليالي_الرعب (21)..... والاخير (22) 

بقلم : محمد الطاهر محمد 

المكان مستشفي امدرمان 

الزمان يناير 

1987

ملك ..وتالا ..والقط الاسود 


فتحت الباب ..كالرجل الالي وجلست في المقاعد الخلفية كرجل منوم مغناطيسيا ..لم اعي ما يدور ..غير ان العربة توجهت نحو صينية الازهري ..ثم اخذت تسير نحو كبري شمبات ..ثم اسفل الكبري قبالة شاطئي النيل ..مبني مكون من ثلاث طوابق ..

عرفت المبني فقد كانت تدور اقاويل عن كونه مسكونا ... .. 

كتب علي لافتته منزل د. خيري احمد !!

...

دخلت علي صالة ..غرفة جلوس فاخرة خشبيه مشغوله . بالارابيسك . ..كانك في احدي مسلسلات السبعينات المصرية ..

روايات سودانية كامله ممتعه ومسليه
الجزء الأخير من رواية ليالي الرُعب 






دخلت متثاقلا..بطئ الخطوة ..

دخل علينا رجل ستيني يبدو عليه الوقار ..والهدؤ ..وطلب مني الجلوس ..

- اسف ي بني ..ابنة اخي ملك حكت لي كل شئ .. قلت لي اهلك من وين ؟؟

وطفقت احكي له عن اهلي بامدرمان عرف كثير منهم ..وزامل بعضهم ..

وماهي دقائق حتي دخلت ملك ..

وكانما اضاء نورها الغرفة ..

رغم انها جاءت ويبدو عليها الاعياء والحزن ..

رات حالتي وما صرت اليه ..واخذت تبكي ..ودمعت عيناي ايضا ..

لم يستطع كلانا ان ينبس بكلمه .

واحدة ..ولم استطع ان اسالها كيف حدث ما حدث ولماذا ؟؟

فقط نزلت ادمعي ..فقد كنت ..وكانت هي كذلك في حالة يرثي لها 

كان عمها حصيفا ..وحاول كسر حزننا ..وسالني انت شيخ سنهوري ببقي ليك شنو ؟؟

اجبته بكل هدؤ انه خالي ..وكنت مطرق الراس للارض ..استحييت ان يري عمها دموعي ..

........

ي عسكري ..انت عارف بتتعامل مع منو ؟؟ انا ممكن انقلك ..بي تلفون واحد ..انا ود اللواء السر ..تعرف يعني شنو لواء ؟؟ قالها د. طارق غضبا للعسكري الذي يحاول دفعه للركوب في العربة ..

- قال الشرطي ساخرا : عليك الله خليهو ينقلني ولا اقول ليك ..خلي يرفدني ذاتو !! شغلانيه ما فيها غير النشالين والمجرمين والمجانين ..اعمل بيها شنو ؟؟ اركب عليك الله ما تعذبنا ..!!

وحمله قسرا علي الركوب في عربة الشرطة المتجهة الي مصحة كوبر للامراض النفسيه !!

نظرت الي ملك بحزن . وقالت : طبعا انت مندهش وانا مثلك لم اعتقد انا الامور ستسلك هذا المنحي ..

لكن قبل ان اقول لك شيئا ..لتفهم ما حدث ..

دعني اعرفك ب تالا ..ثم نادت بصوت عالي : تالا ..تالا...

وظهرت فتاة كانها ملك نفس الطول والقوام وملامح الوجه واللون ..اخذت انظر اليها ..وانظر الي ملك ..كانهما تؤام ..سبحان الله قلتها في نفسي مندهشا . 

سالتني ملك: هل تزكر تالا ؟؟.

 واردفت ..:هي نفس الفتاة التي انقذتها من المشرحة ابنة القط الاسود !! الا تزكر .؟؟.

 - يالله ..نعم الجنية ابنة القط الاسود !! لقد تزكرت لقد حملتني علي كتفها من المشرحة واختفت !!.

وحتي انني هلعت المرة الاولي عندما اعطيتني الحقنه ي ملك ..وكنت اعتقد انك هي . !!

- حسنا الان ساحكي لك ما حدث.

كنا نتسامر انا وتالا الحديث في غرفة الممرضات عندما احست تالا بالخطر !!..وطلبت مني الاختباء خلف دولاب الغرفه ..

وفتح الباب فجاة د. طارق وهجم عليها معتقدا انها انا !! وقام بخنقها ..فتظاهرت بالموت .

.وبحث د طارق عن الفايل الذي يخصك ..ووجده مخبئا تحت الارفف ووضعه عل المنضدة  

وغادر الغرفة سريعا ..

احس القط الاسود بالخطر علي ابنته فوجد د.طارق اسفل السلم فاشتبكا معا . لكن د. طارق استطاع الهرب . 

وعنما افاقت تالا طلبت مني الذهاب للبيت ..

وتركها تحت حماية القط الاسود والدها ..كنت خائفة لذا هربت سريعا .

قلت مخاطبا تالا ..الجنية ..: لكني رايتك ميته والاطباء يحاولون انقاذك ومحاولة انعاشك وارجاع نبضك ؟؟

ردت تالا بسخريه .. : هل سمعت ان هناك جني لديه نبض ؟؟

واردفت وهل تعتقد ان تكويننا مثلكم ؟؟ ..نحن لسنا مثلكم ي بني ادم !!.

وتم تحويلي للمشرحة ابي كان يري ويسمع ولم اكن خائفة ابدا ..

ثم قالت بابتسامة حانية :..وحتي انت بالليل عندما جئت حزينا تبحث في يد ملك عن خاتم او اي شئ يعيدها للحياة ..كنت احسك ..وكدت ابكي لمنظرك ..

لذا طلبت من ابي اخراجي علي الفور ..لم اتحمل حزنك !!

تحولت لقط ابيض..وخرجنا انا وابي ..من المستشفي !!

كنت مصدوما بالطبع حيث اختفي لدي الخيط الفاصل بين الحقيقة والخيال !!.

وكانما قرات تالا افكاري فقالت : من يدري لعل ما نعيشه هو الخيال والخيال هو الحقيقه !!

ثم وجدت نفسي ابكي بكاء حارا حتي تهدج نفسي وسالت ملك : الم يهمك ان اراك ميتة امامي ؟؟ هل تعرفين شعوري لحظتها والحزن الذي اصابني ؟؟ واتهامي بقتلك والمكوث في السجن ثلاثة ايام وتحقيقات لا تنتهي ؟؟ الم تعرفي كل ذلك ؟؟

وقالت بحزن وتغالب دموعها ..انا ايضا لم اكف عن البكاء منذ جئت الي هنا ..حتي خشيت علي تالا ..واتت بك هنا ..خوفا علي من الإنهيار .

وقفت العربة المزينة بالورود 

امام بيت زوجتي ملك ..وهبطت منها سريعا .

وفتحت لها الباب الاخر ..ونزلت بكل هدؤ كاميرة كوشية ..كانت ترتدي فستان فرح كاروع ما يكون...كانت كانها كوكب دري من جمالها . او كانها لؤلؤة داخل صدفة بيضاء ..وكنت ارتدي بدلة سوداء ..وقميص كبدي ..وتكاد ربطة العنق تخنقني ..

يريعا ما جلسنا .

علي الكراسي التي في الكوشة التي كانت علي شكل عريشة صغيرة مزينه بالازهار .

لم اهنا بدقيقة حتي انكب علي الاهل بالمصافحة ..والتبريكات ..لم اشيح بوجهي عن زوجتي ابدا ..فقد بدت اية في الجمال والروعة ..كانني اراها لاول مرة .

وكنت المح علي سطح البيت اربعة قطط ..كانت القط شامخات كانها اسود ..كان القط الاسود .. بينهم واقسم انه كان يبتسم ويضحك ..

عندما جلسنا بين الفواصل ..علي الكوشة قلت ممازحا 

- حسة انا اعرف كيف انو دي انتي ..ما صاحبتك تالا ..

-ابتسمت ابتسامتها االخلابة وقالت : القال ليك انا ملك منو ؟؟ ماك حلوة زي كدا .

وضحكت ..ملك اجمل منك بي كتير ....وما تعملي لي فيها جنية ..عشان ما اوريك جني ذاتو !!

ضحكت وقالت :

. تعال قبيل في العقد قالو العاقل الرشيد !! انا اضمن من وين انك عاقل .

جيب لي شهادة موثقة من المحكمة ..ماضيين عليها شاهدين ..يكونو في الدرجة الرابعه .. انك عاقل !!

كان يوم فرح حقيقي ....واكتشفت كم هي خفيفة الروح ملك

زوجتي المصون .

  عدت نهارا من سنار ..بعد ان اوصلت زوجتي وابنائي الصغار 

تالا علي اسم صديقتها الجنية تالا بالطبع ..

والصغير منتصر ..واخر العنقود سجي ..

سالتني الوالدة ..عنهم فطمنتها انهم بخير ..وان تالا تبلي جيدا في المدرسة ..

لكن سجي ..تؤرقني ..فهي دائمة الشرود .. 


..وفي نفس الوقت الذي اطمن امي علي الصغيرة سجي ..

كانت عينان تلمعان في الظلام ..وتراقبان الصغيرة سجي وهي تلعب في حديقة المنزل ..بينما امها ملك مشغولة باعداد العشاء للصغار ..

وكانت مصابيح الحديقة تتارجح يمنة ويسرة بفعل الرياح ..

ثم هجمت العينان علي الصغيرة سجي .

صرخت ..وانتفض جسمها قليلا ..ثم كانها تتشنج بايديها وارجلها ..وانقلبت عيناها الي عيني افعي لثوان ....ثم عادت الي طبيعتها .

كان المساء الشتوي قد اقبل ولي ذكريات سيئة عن الشتاء 

تدثرت بمعطفي ..واستاذنت من والدتي للذهاب لاحد اصدقائي

 عندما عدت مساءا كنت ارتجف من البرد .

قابلتني الوالدة علي الباب ..

الحق عمك احمد مات !!

- تاني ياحاجه ؟؟

..واخذت انظر لامي ..حتي لا تكون حركة اخري من حركات القط الاسود ..وسالتها انتي يا حاجة ..انا مولود يوم اتنين ولا تلاثاء ؟؟ ( حتي اتاكد انها امي وليست جنيه )

-اجي يا محمد انت جنيت 


انت مولود يوم جمعة وبطل طرطشتك دي والحق الجنازة !!

كنت ارتجف ..وانا اقود العربة ..

تبا للشتاء ..كل المصائب تاتي شتاء.

عندما اقتربت من بوابة المقابر ..اسمع صراخا خلف العربة ..وشابان يحاولان الركوب علي صندوق البوكس المسرع ..ويسقطان ..ويحولان مرة اخري

هلعت ونزلت اليهما كانت يرتجفان من الخوف وكان يصيحان القيامة قامت ..الاكفان حييت تاني !! ..

واشارا للمقابر بهلع ..وادرت راسي حيث يشيران ..

و لمحت اشياء بيض تزحف علي الارض ..

سريعا ما ادرت انوار العربة ..علي المقابر..

واشاهد من علي البعد ..ما تراي لي انها اكفان بيض فيها جثث تزحف علي الارض ..وهي تتجه الينا ..

النهايه


.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال