الجزء الثالث
بقلم الكاتب: محمد الطاهر محمد
#ليالي_الرعب (7)(8) (9)
ليالي الرعب (7)
المكان : مستشفي امدرمان
الزمان : يناير 1987
..همست الممرض او العروس .. وهي تقوم بتركيب االدرب علي الفراشة في يدي كلمات صغيرة علي اذني كانه همس : اليوم ستفهم كل شئ !!.
بعدها رحت في سبات عميق .
ادار د.طارق عربته الهنتر من المستشفي بعد انتهاء دوامه ....وتوجه الي منزله بابي روف .. تجاوز الشهداء الي حي السيد المكي ..ثم انحرف يمينا ..بشارع ابي روف ..ثم توقف بتقاطع ودارو .
كانت الاشارة حمراء ..توقف قليلا ..وقبل ان ينطلق مرة اخري
اذا بشاحنة ضخمة متخطية الاشارة ..ترتطم به بعنف .. وتحيل عربته في ثوان ..الي حطام .
عندما صحوت ..كان اذان العصر من مسجد حوش الخليفه يشق عنان السماء .
..ووقررت ان اتمشي قليلا بالمستشفي .
خرجت من العنبر ..ثم الي الشرفة التي تطل علي ميدان الخليفة ..
وهبطت الدرج الي باحة مفضية علي غرفة العمليات ..
الي يسارها كان هناك مبني من طابقين .. عليه لافته ضخمة باسم عنبر العيون .
كان العنبر مهجورا بالكامل ..لا تدخله او تخرج منه الا القطط .
..وعلي احد اركانه كان ثمة احد جالس علي الارض ..ممسكا يديه علي ركبتيه ويهتز ..وكان يغمغم بشي ما..
وكانه احس بوجودي ..وجعل يصرخ بصوت عال ..الداخل مفقود ..والخارج مولود ..حي حي ..
ثم اخد يغني ..الليل البجيب الناس بشيلو هموم ..
ثم اخد يضحك ..
وينظر الي ..وكنت كمن لسعته عقرب ..انظر اليه
تمت الناقصة ..بعد الشفتو كلو ..يطلع لي مجنون ؟؟
كان هناك شئ يشدني الي هذا العنبر ..
لا ادري ..شئ ما كانه يدفعني دفعا لرؤيته ورؤية غرفه ..
ي سعادتك ..اقسم بالله العظيم انا كنت سايق في امانة الله ..وما اتخطيت الاشارة
انت ما بتصدقني ليه ؟؟ قالها سائق الشاحنة الضخم وهو يتحدث مع شرطي المرور الذي جاء ليرسم الحادث ..واردف :
والله ي سعادتك جيت ادوس الفرامل ..لقيت مكانها كديسه ..رفعت رجلي لقيت عربية الدكتور قدامي..
كديسه ؟؟ قال له الشرطي : قول كلام اصدقو !!
انت شارب حاجه ؟؟
غمغم السائق ابدا والله ي سعادتك ..انا سجاير ما بشربو ولا بتعاطي اي حاجه ..
رد الشرطي ..تمام بنشوف الكلام دا قدام .
كانت الشمس تكاد تختفي وبدات رياح الشتاء تهب اكثر
وبدا الزوار بمغادرة المستشفي ..وبدا الظلام يتسلل رويدا ..رويدا الي المكان.. وانا ما زلت انظر ..للعنبر المهجور ..واختفي الرجل المجنون من المشهد تماما كانه لم يكن ..
قررت الرجوع للعنبر ..
وقبل ان ابدا السير ..لمحت من البعد فتاة كانها العروس الممرضة تتجه نحو العنبر ..المسكون وغير..بعيد منها ..كان القط الاسود .
ليالي الرعب (8)
العنبر المسكون
كان الليل قد بدا يرخي سدوله عل المستشفي ..وانا اقف قبالة العنبر المسكون
( مالي ومال المشاكل ) قلت لنفسي يا زول ارجع عنبري احسن ..
وعندما هممت بالمسير ..رايت القط الاسود كانه يتسلل للعنبر خلسة
( بلا قط اسود بلا بامبي ) قلتها لنفسي غير مكترث ..
وصلت العنبر في الطابق الاول ..سريعا ..ثم سريعا فتحت النافذه التي تطل علي العنبر المسكون ..وجعلت اراقب ما يحدث
-يلا يا شباب اي زول ما عندو كرت مرافقه يتفضل لينا برة لو سمحتو ..قالها رجل النظام العام للموجودين بالعنبر كان العنبر مزدحما .. بالمرافقين .. تحايل اللعض واختفي البعض وتزواغ البعض
لكنه كان صارما
- ي جنابو براك شايف الواطة باردة ..وهواء شديد !!
-هواء بتجيبوه لي انتو لوقعدتو في العنبر وجا مرور ..
ما شغلي ..لو سمحتو. واصلا الجابكم شنو هنا .؟؟ ..
- رد احدهم : والله ي جنابو اصلا انا ...
- رد مقاطعا : انت حا تحكي لي قصة ؟؟
اتفضلو لو سمحتم ..
وهكذا تم انزال العشرات الي العراء بين عنابر المستشفي ،هبط الظلام واشتد البرد .
رغم ذلك كنت مصرا علي مراقبة العنبر..المسكون ..
..عتد المجنون الي مكانه ..وكنت اسمع صراخه ..كان كالشبح جالسا امام العنبر .
ظل ثلاث من الشباب يفركون ايديهم بكل قوة تحت الاشجار ..احدهم كان يتدثر ببطانية وكان يرتجف ..-ي جماعة شوفو لينا ننوم فيها العسكري الوهم دا شكلو بايت في العنبر فوق ..
اشار احدهم للعنبر المسكون ..ايه رايكم نبيت هناك ؟؟
- ي زول قالو مسكون العنبر دا .
- اصلا انت خواف من يومك مسكون شنو بالله ما تسمع الخزعبلات دي ..
ثم تشجعو ..وهم يرتجفون وتحركوا نحو العنبر .
كنت في مكاني بالاعلي ارقب المشهد وهم يمشون ببطء وملتصقون بحائط العنبر المسكون ..
كدت اصرخ لهم محذرا ..لكن المسافة وصوت الرياح لن يجعلهم يسمعوني .
وكنت اراقب اضواءا خافتة داخل العنبر تضرب النوافذ بلا هدي ..
كان المجنون ما زال في مكانه ..كالشبح تحت احد اشجار العنبر يغمغم الداخل مفقود ..والخارج مولود ..ثم يقهقه ..ثم يغني ..
امسك احد الشباب بقميص اخر من الخلف ..وبصوت مرتجف ي جماعة عليكم الله نرجع ..جابت ليها مجانين كمان ؟؟
- انتهره احدهم : ي زول بتبقي راجل متين انت ؟؟
تجاوز الشباب الباب الي داخل العنبر..
كان الباب مفتوحا ..ثم اتجهو شمالا لابعد غرفة عن الباب علهم يحظون ببعض الدفء..
..سيحصلون علي الدفء ..والرعب
ليالي الرعب (9)
المكان : مستشفي امدرمان
الزمان يناير 1987
العنبر المسكون (2)
كان الباب مفتوحا ..سريعا ما دلف الشباب للداخل ..ثم اختارو اقصي غرفة من الباب ..كانت مواربة ..فتحوها ودخلو ..كان الظلام دامسا ...كان بالغرفة بعض الاسرة ..سريعا ما القو انفسهم فيها ..
كان الليل قد انتصف ..وما زلت ارقب العنبر الذي قيل انه مسكون ..
كان معظم المرضي ومرافقيهم قد خلدو للنوم ..
وانا ما زلت اراقب العنبر..
سمعت صوت خطوات اتية علي عنبري ...
فاذا هي الممرضة او العروس ..
الحمدلله .. ..لعلي افهم قليلا مما يحدث ..
نام مرافقي المرضي ..بالعنبر المسكون ..كما لم ينامو من قبل ..
وهم يعتقدون ان ..العنبر حار ..
ولم يعلموا انها حرارة اجسام.. معهم بنفس الغرفة ..
وكان شخير احدهم يسمع من بعيد ..
واسيقظ احدهم كانه سمع وقع صوت اقدام حمار في الغرفة ..فتلفت فزعا .. وفتح مقلتيه حتي الاخر ليري جيدا ..
فاذا به حمار فعلا ..بشحمه ولحمه داخل الغرفة ..
خرجت منه صرخة خافتة ايقظت رفيقيه من سباتهم العميق ..
وما هي الا دقائق . وهم ينظرون .
حتي هجم كلب علي الحمار وابتلعه .
وفغر اصحابنا افواههم من الدهشة ..واتسعت ماقيهم رعبا ..ثوان ثم اذا بقط يقف امام .الكلب ..ويبتلعه ...عندها صرخو صرختهم الكبري التي ..ايقظت نصف مرضي العنابر ..
وولي الشباب مدبرين ..واصطدم بعضهم ببعض في الاسرة وفي باب الغرفة . ولمدة خمس دقائق كامله .. .كانو يبحثون عن باب الخروج من العنبر ..!
قلت للعروس او الممرضة ..قبل ان تعطيني الحقنة ..سالتك بالله ..فسري لي ما يحدث
- الم تفهم بعد ؟؟
اجبت براسي علامة الموافقه وعدم الموافقه في نفس الوقت ..وافتر ثغرها عن ابتسامة . لم ار اجمل منها !!
وانتبهت ..انني لم انظر لها من قبل جيدا ..كانت جميله ونحيفه ..مثل نجمات السينما
قالت لي ساقول لك سر المجنون !!
اجبت بسرعة ..انا اريد ان افهم كل شي ..كل شي
- هل تعلم ان المجنون هذا كان مريضا ..بهذه المشفي ؟؟
ولكن فضوله هو من اودي به للجنون !!
وقبالة المستشفي .من الخارج ..
كان الشباب يقسمون للناس ان هناك عنبرا مسكونا ..وانهم باتو فيه ..وكان احدهم ..قد قارب الاغماء من الخوف
كان مستمعيهم يتحلقون حول فطومة ست الشاي ..وهي تهدي فيهم ..
انتو الوداكم هناك شنو ؟؟
وكان بعض الجالسين يغمغم : انتو امشو اتسطلو هناك ..وتعالو اتباكو لينا هنا !!
وكان المجنون يجلس هناك في ركن قصي قرب ست الشاي وهو يتصنت لما يقولون :
حي حي ..الداخل مفقود والخارج مولود ..حي حي..
