واقع مرير




 


يحكي علي لسان احدهم

 أحدهم يقول في ذات يوم عدت من العمل منهما متعباً ،كباقي الشعب السوداني ،يائس بائس من الحياة ،لم أكن من أولئك الذين حظوا بوظيفه تسد احياجاتهم،كنت اعمل عامل يوميه ،فلم يكن معي نقودا تكفيني لهذا اليوم ،يقول خلدت الي النوم وانا غارقا في الديون ،من أصحاب البقالات ،والخدرجيه ،وكان لسان حالي يقول لي أن لا تدخل يدك في جيبك فهنالك عنكبوتا قد نسجت ،من عدم النقود.

سكنت في ثبات عميق ،فاذا بي أري ،دمارا وحطام في كل مكان ،وقد بحث في الإرجاء باحثاً عن دليل وفي عقلي كثير من التساؤلات ،عن هذا المكان المحطم ،وهو شبيه بمنطقه دمرت بنيازك وشهب قادمه من الفضاء فلا أري حتي خيط امل واحد يشير عن أن في المكان كائن حي يدب  تحت هذه الأنقاض.

بحث ليوم كامل ،ولكن دون جدوي ،فلم اجد شيئا ،كان المكان خاليا تماماً من الحياة.

فممرت بحطام ضخم ،فاذ بي أري لافته صدئه متهالكه ،غطاها الغبار وتاكلت من الصدي ،فوجدت فيها كتابه يخيل لي انها كتب عليها بنكك السودان المركزي فقلت في نفسي هل حقاً هذا السودان ؟!،وكيف وصل بنا الحال الي هذا؟!واين مظاهر الحياة ،من ناس ،وزراعه،وحيوانات،وخيرات،اين ذهبت فضج عقلي باسئله لم اجد من يجاوب عليها.

أصابني التعب والجوع ،وانا ابحث ،حتي حل المساء وانا منهكا ولم اجد حتي ما اسد به رمقي ،فلجاءت لبقعه دافئه تحت الدمار ، لتدفئة نفسي من البرد،كي اخلد الي النوم وانتظر مصيري المحتوم،الذي لا خلاص منه.

جلست في هذا المخبأ ،وعم الظلام الإرجاء ،وحلك ظلام الليل اكثر،فرايت من البعد ناراً تتوهج ،فلم يهدأ لي بال فقمت وتحاملت نفسي واستجمعت قواي ،ونهضت متجهاً صوب هذه النار ،فقلت عسي أن أجد ما اكله،ومن يجاوبني علي الاسئله التي في عقلي.

وانا متحركا صوب اتجاه النار اتتعتع ،كالسكاري،واسقط وأقوم مجددا من بقايا الأنقاض المتهالكة ،حتي اقتربت من مكان النار وكانت المفاجأة.

اذا بي أري رجلاً عجوزاً يرتدي ثياباً باليه ،يجلس بجانب النار ،ومعه صيد اصطاده ،ارتعبت من مظهر هذا الرجل الذي لم يحسبه من يراه اول وهله أنه رجل،فلم أبالي ،لبحثي عن لقمة عيش.

جلست معه ،وكان الرجل مزهولا عليه علامات الدهشه والاستغراب ،واشار لي بإصبعه انت انسان؟!

وكأنه راي شئ غريباً.

فقلت له مستغرباً أيضاً ،نعم انا انسان وهل انت كذلك؟!

فقال لي الرجل متعجباً ،لا اصدق ما أري !!

فقلت له صدق ،فاني والله انسان ،ولي يومان وانا ابحث عن ما اكله وعن من يجاوبني علي تساولاتي؟!

فقدم لي الرجل طعاماً وشرابا،وبعد أن أقمت صلبي ،واكلت طعام ذلك الرجل  .

سالته،اين انا ؟! ومن انت ؟! واين مظاهر الحياة في هذه البلاد وما الذي حدث هنا؟!

صمت الرجل في حزن عميق وطأطا رأسه في الأرض حتي ظننت أنه أخذ قفوه أو قيلوله،ثم أجابني نحن الآن في السودان ياعزيزي

وجميع من كانوا في هذه الأرض ماتوا وانقرضوا بسبب الحروب ،والامراض والجوع،فلم يبقي أحد ولم يسلم شي حتي الحيوانات ،والثروات.

من سنحت لهم الفرصه قبل ساعه الصفر بالسفر خارج البلاد قد سافروا وكل من بقي هنا لقي حتفه فلم يبقي أحدا كما تري وحين رايتك ظللت متعجباً ،من أنك ربما نفر من الجن فأنا أعلم أن جميع البشر هنا قد لقي حتفهم.

اخذت نفساً عميقاً ،واخذت جوله بخيالي الخالي وتذكرت أحوال المواطنين سابقاً وأحوال ساسه بلادي ،وتذكرت ،الرشاوي،الاختلاث،العنصصصريه،وحب السلطه وكثرة الأحزاب والط.ط.وائف،تذكرت كل شي حتي الجنجويد ،ربما اني ليست حاضراً ماجري هنا ولكن كأنني كنت علي قناعة تامة بأن هذا الفعل من واراءهم.

ثم سألته عن نفسه ومن انت؟!

فلم يرد الرجل علي سؤالي سألته مراراً وتكراراً.ولكن دون جدوى اكتفي فقط بالسكوت وبدمعه سائله من عينيه .

فقلت لابد وأنه كان مسؤولا كبيراً في النظام السابق الذي ربما له يد في ما حدث هنا،فان لم يكن الأمر كذلك ،لم لا يعرفني علي نفسه ،ولم يشعر بالذنب تجاه هذا السؤال.

كأن سكوت هذا الرجل أخبرني بأن ماحدث المخلوقات والعمران هنا هو من وراه

فقلت له بسوال رجل يائس ،اسمع ياصاح لم يبقي سوانا في هذا البلد أحدا فإن لم نتعاطف ،ونتشارك لن نستطيع العيش سنموت حتما فمن انت؟!

فقال لي الرجل ،وهو يضحك ضحكة خشنا ،دون نكهه ،وما كان لماقبلنا أن يدمروا حضارتهم الا بعدم بالاتفاق،كم نحن اغبياء كم نحن اغبياء رددها مرارا وتكرارا حتي سكن في حزنه العميق القديم.

ظللت اتناول معه أطراف الحديث ،بكل تفاصيله الممله الحزينه حتي

أردا الرجل أن يخبرني ويبوح لي باسمه فإذا بزوجتي تصيح باعلي صوتها يا عباس يا عباس اصحي ،واذهب الي السوق واشتري لنا خضارا ولحم .

لم يكن الأمر بالسهل في بلادي المنكوبه ،العيش ،صعباً ،والموت اصعب،فاللهم اصلح ولاة أمرنا ووفقهم وخذ بنواصيهم للبر والتقوى 

أقرا أيضاً عن نساء سودانيات رائدات 

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال